Live Media Network

لا بد من دراسة جذور هذا الصراع لبناء سودان ما بعد الحرب

0

د.محمد عبدالله كوكو

أقوال للسياسيين الذين يتهافتون على الكراسي أننا نحتاج لتشكيل دولة وليس لتشكيل حكومة.فالحكومة تشكيلها سهل جداً إذا عرفنا إستراتيجية تشكيل أو بناء دولتنا التي لم تشكل بعد منذ رحيل المستعمر الإنجليزي.

وإني أتعجب جداً من الترشيحات التي تظهر بين الفينة والأخرى …واستغرب من أين تأتي هذه الترشيحات…..وهذا يدل أن هَمّ كل هذه النخب صار هذا الكراسي للمكاسب الشخصية.

من هنا أنادي بالناي عن هذا التهافت على المناصب وليكن همنا الأكبر وضع إستراتيجية محكمة لبناء دولتنا السودانية بعد أن تضع الحرب اوزارها.إن ستراتيجية بناء الدولة لا بد أن تبدأ على أكثر من مسار في وقت واحد، أولها هو بناء الإنسان وهي من الضروريات والمستلزمات المهمة جداً ومن غير الإنسان لا يمكن أن نبني دولة.

بناء الدولة يبدأ من بناء الأمة بواسطة برامج حقيقية تبدأ بتأكيد هويتها التي تعتبر أساس وجود الدولة ومحركها ورمزها، فهي بمثابة الانتماء القومي للدولة، التي تتجاوز الولاءات الفرعية، لتكون الدولة الهوية القومية لكل أفرادها، وتشير الهوية بشكل دقيق إلى مفهوم المواطنة في المجتمع، وأن غياب هوية الدولة، يعني بروز الهويات أو الولاءات الفرعية (الطائفة، العرق، القومية، القبيلة والعشيرة).

وأن ضعف الدولة في الحفاظ على هويتها، سيزيد من حالة التقلبات السياسية وعدم الاستقرار، كما أن الحفاظ على هوية الدولة، يقترن بعملية بناء الأمة، وهي عملية دعم التكامل القومي/الوطني بأنشاء مؤسسات قومية/وطنية مشتركة ورموز للوحدة،و إشكالية بناء الدولة لدى العديد من الدول الضعيفة تكمن في ضعف الحكم والإدارة والتنظيم وقصور المؤسسات على مستوى الأمة….. الدولة و بناء الدولة بحاجة إلى بناء المجتمع أولاً، ورأب التصَّدع الحاصل بين السلطة والمجتمع من خلال التنمية البشرية والسياسية الصحيحة وتقوية المؤسسات القائمة وبناء مؤسسات جديدة فاعلة وقادرة على البقاء والاكتفاء الذاتي، فقوة الدولة تكمن في قوة قدراتها المؤسساتية والإدارية على تصميم السياسات وسن الأنظمة والقوانين ووضعها موضع التنفيذ؛ لأن قوة الدولة تقاس بمدى كفاءة وفعالية وقدرة مؤسسات الدولة على أداء وظائفها والأهداف المختلفة التي تضطلع بها.وتكون الشــرعية الدســتورية، وسيادة القانــون، أســاس نظــام الحكــم فــي الدولــة ، ولا يجــوز تغييــر النظــام بــأي وسيـلة أخــرى مخالفة أحكام الدستور كما يشاهد الآن في السودان حيث يعتمد على المحاصصة ، و تلتزم الدولــة بضمــان نفــاذ ســيادة القانــون علــى الجميــع بــدون إستثناء .

وهيكلتها تؤسس بالاعتماد على توحيدها الشعب لان في ظل التشتت السياسي وحالة اللاانتماء الموجودة لدى النخبة قبل العامة من الناس تعرقل أي إصلاح استراتيجي يهدف لبناء الدولة.

فيكون إذن لدينا القاعدة الأولى في بناء الدولة القوية وهو بناء الإنسان أولاً وقبل كل شيء ووفق مفهوم إستراتيجي لكي يستطيع هذا الإنسان من مسايرة الحياة الحديثة ويواجه التحديات، وعلى أسس علمية وأول لبنة لهذا البناء هو وضع خطة إستراتيجية للتعليم وهذه الخطة يجب أن تتضمن الأسس القوية لنقل التعليم والعلوم إلى النشء لبناء مجتمع متعلم متقدم ليكون القاعدة القوية للدولة وعنوان تقدمها وتطورها على شرط أن تكون الخطة والمسيرة التعليمية شاملة كل مناحي الحياة وكل ما له علاقة بالدولة والمجتمع على المستويين الداخلي والخارجي.

وهذا يجعل أبناء الدولة أقوياء متسلحين بالعلم والمعرفة وهم يقودون مفاصل الدولة في مختلف المناحي الحياتية.

أن بناء الدولة يقوم على ثلاثة أسس رئيسية وهي العامل الأمني، والسياسي والاقتصادي وإن بناء الدول بالأساس تشير إلى بناء السلام في المجتمعات التي تعاني من نزاعات إثنية ، وعلى أساس ذلك لا يمكن أن تتحقق بناء الدولة من غير الاستقرار الأمني، وذلك لكون الاستقرار الأمني العنصر الذي على أساسه تتحقق الأسس الأخرى، كعنصر الإستقرار السياسي وتفعيل المشاركة السياسية، وبعد أن يستتب الاستقرار الأمني والسياسي تفتح المجالات أمام التنمية الإقتصادية والرفاهية على مستوى الفرد والمجتمع .

أن السودان الآن في حالة صراع واضح بين قوى تعيش على الفوضى والجهل والإعتماد على البندقية والقبيلة….. وأخرى ترغب في بناء دولة حقيقة ، هذا الصراع لا يمكن أن ينتهي بالأمنيات الطيبة والنوايا الحسنة، ولذلك لا بد من دراسة جذور هذا الصراع وفهم أبعاده وآثاره جيدا في سبيل الوصول الى حلول حقيقية، وهي بالتأكيد حلول لها ثمن مرتفع ولكنه أيضا ثمن ضروري فالدولة تبنى بالعلم والعلم فقط وليس ثمة شئ اخر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.