Live Media Network

في ذكرى الإستقلال.. هل يستطيع السودانيون حل أزماتهم التاريخية؟

0

تقرير إخباري: هبة علي

تحتفل البلاد اليوم بالذكرى ال(٦٧) للإستقلال من المستعمر الانجليزي، إذ يأتي الإحتفال هذا العام والبلاد تمر بظرف استثنائي معقد جعل الكثيرين يصفونها باللادولة، حيث الفراغ السياسي والدستوري وحالة السيولة الأمنية، فضلاً عن الأوضاع المعيشية المتردية للغاية وموجة الإضرابات المطلبية ضد السلطة التي تعلو بين الفينة والأخرى، بجانب استمرار التظاهرات الداعية لإسقاط الإنقلاب ورفض الاتفاق الإطاري من أطراف عدة وضد قضايا عدة..

أصل الأزمات.
ولطالما تردد كثيراً الحديث عن أن أزمات البلاد تاريخية وتحتاج لحل يخاطبها من الجذور، فبحسب مهتمون كانت البدايات ضعيفة وخاطئة منذ الاستقلال.
ويعود اللواء ركن (م) دكتور محمدخليل الصائم  أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية بالجامعات، إلى تلك الحقبة مؤكداً أن الاستقلال لم يأتي به الأزهري والمحجوب كما يُشاع ، بل كان وعد من الانجليز لوحدة قوة دفاع السودان اذا شاركوا في الحرب وانتصروا وهذا أمر معلوم وموثق.
وأوضح خليل بحديثه لـ”لايف ميديا” أن المتغربنين أتوا بالديمقراطية اللبرالية لشعب كان مستعمر ويعاني من التخلف والجهل إضافة لمشكلة جنوب السودان ، حيث كان لابد من تدريج الديمقراطية لتصبح البلاد دولة مؤسسات.
وأشار إلى الأحزاب التي نشأت طائفية أو أحزاب البيوتات  وأيضا الأحزاب العقائدية التي يرتبط قرارها بالخارج، هي مجتمعة من أوصلت السودان لهذه المرحلة.
ونوه خليل إلى أن انقلاب عبود كان فقط تسليم وتسلم  بين عبد الله خليل بك وعبود في نوفمبر 58، وتابع: كانت فترة الفريق عبود  زاهية وبها بنى تحتية رغم إنها فترة حكم عسكري وكان  عبود قد  قبل المعونة الأمريكية التي رفضها حزب الأمة التي كانت معنية بمساعدات لإنشاء طرق وبنى تحتية و تعليم  وصناعات حيث كان  حزب الأمة يعتقد أنها استعمار جديد، ولم يكن الأمر كذلك فهنالك عدد من الدول قبلتها كالفلبين و غانا، واستفادتا  كثيرا من هذه المعونة.
واسترسل مُضيفاً: الاشتراكيين والشيوعيين ساعدوا نميري في الوصول للحكم، وايضا سوار الذهب مكّن للاسلاميين  لأجل الوصول للحكم مستقبلاً بعدم اتخاذه أي قرار  طيلة العام الذي قضاه في الحكم وايضا الحكومة التي شكلها كانت من الإسلاميين وهم من مهدوا الطريق لانقلاب 89 ، وكان من الممكن للاسلاميين أن يأتوا للحكم عن طريق الديمقراطية لأنهم فازوا وقتها في البرلمان بـ(52) مقعد  وهي مقاعد الخريجين وكانوا من أكثر المثقفين في البلاد و لكن كان الجميع لديهم اشواق للسلطة والكراسي.
وقال خليل أن حكومة الانقاذ اتت بالاسلاميين ومزقت السودان بانشائها لقوات موازية للقوات النظامية كقوات الحدود موسى هلال و المراحيل و الدعم السريع لتصبح البلاد متعددة الجيوش، قاطعاً بأن الخلل الذي يحدث الآن نتيجة لاخطاء الـ(30) عام لحكم الإنقاذ حيث جففت البلاد من العلماء ومن أبنائها   ذوي الكفاءة بواسطة قبضة الدولة البوليسية والأمنية وقوة السلاح حتى أتت ثورة ديسمبر المجيدة.

مابعد الثورة..
وقال خليل إن شباب الثورة كانوا صادقين واقتلعوا السلطة إلا أن قيادات الحرية والتغيير ضعيفة وبعضها يؤمن بأن التغيير اتى بارادة أمريكية ثم بعد ذلك حدث ما حدث من نقض للعهود والمواثيق.
وأعتبر خليل الإتفاق الإطاري مذكرة تفاهم، جازماً بأنه ليس إتفاق، ومنوهاً إلى أن هنالك تصريحات سالبة من أطراف الإتفاق.
وأردف خليل: يجب أن يكون الإتفاق لكل السودانيين وقد يكون الإتفاق بداية حكم راشد و دولة مؤسسات إذا استصحب بقية الأطراف وجرت مراجعة إتفاق جوبا وتم التسامي فوق الجراحات، وإذا أردنا أن نكون دولة  مؤسسات يجب علينا واعني بذلك  كل الفعاليات السياسية أن   تتفق على الحد الأدنى من الوطنية وأن تبتعد كل الفعاليات عن التهافت على الكراسي  وخير مثال على ذلك قادة حركات دارفور والنيل الازرق الذين استوزروا و لم يلتفتوا لأقاليمهم  والآن العالم  يرى يوميا القتال في دافور.

فرصة جديدة.
وابتدر القيادي بتحالف الحرية والتغيير شهاب الدين إبراهيم حديثه لـ”لايف ميديا” بوصف الأزمة الحالية بأنها أزمة تاريخية في الأساس؛ متعلقة بالامتياز في المشاركة في السلطة من المؤسسة العسكرية رغم أنه في بعض الأحيان يوجد متهورين من المدنيين مشاركين مع العسكريين وساهموا في الانقلابات.
ويرى إبراهيم أن ثورة ديسمبر فرصة جديدة لتأسيس جديد واستقلال آخر جديد؛ لافتاً إلى إجهاض الفرصة بجميع المكتسبات التي حققتها الفترة الإنتقالية حتى أوصلت البلاد إلى مرحلة تجييش المجتمعات،؛ فضلاً عن محاولات النظام البائد وآخرين مرتبطين باستمرار الوضع الراهن.
وقال إبراهيم انهم يعتقدون أن الإتفاق الإطاري فرصة معقولة لاستعادة الإنتقال والمضي للإمام، منوهاً إلى أن القضايا الخمس التي طرحت أغلبها قضايا تأسيسية للدولة كالاصلاح الأمني والعسكري ويعني بالضرورة خروج المؤسسة العسكرية بالكامل وعدم تأثيرها على العملية السياسية في المستقبل وأن تتجه لأن تكون مؤسسة قادرة تخدم إستقرار الدولة السودانية أكثر من أن تدخل البلاد في إنهيار نتيجة للإنقلاب العسكري التي تقودها.
وأضاف: لا أعتقد أننا سنتكلم عن ضمانات ليكون الإتفاق مع العسكريين مخرجاً يقود إلى التحول الديمقراطي الكامل بيد أن السيناريو الأفضل تشكيل حكومة مدنية بسلطات واسعة تستطيع إيصال البلاد إلى إنتخابات حرة ونزيهة؛ السيناريو الأسوأ أن يحدث تراجع عن الإتفاق الإطاري الأمر الذي سيكون نكسة كبيرة وسط وجود جيوش متعددة ويمكن أن يخلق سيناريوهات مواجهة عسكرية الأمر الذي يدفعنا لإنجاز الإتفاق مع تحقيق مقبولية لهذه القضايا.

فلاش باك.
ووقعت الحرية والتغيير وشركاءها الجدد على إتفاق إطاري في مطلع ديسمبر الماضي بدعم وترحيب إقليمي ودولي،على أن يتم التوقيع النهائي في يناير الجاري أي عقب الانتهاء من الإتفاق على خمس قضايا كان قد تم ترحيلها للمرحلة الثانية، ويجري حالياً العمل عليها إنشاء لجنة متخصصة لكل ملف، مع فتح الأبواب لانضمام بقية القوى السياسية والمهنية والثورية وحتى شركاء السلام المتبقين خارجه من حركتي جيش تحرير السودان بقيادة مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.