كيف أبعدت المخابرات العامة من المشهد الانتقالي؟
تقرير إخباري : ياسر إبراهيم
قبل الحراك السياسي في ديسمبر المجيدة كانت الاحزاب السياسية المعارضة للنظام السابق و تطرح شروطا محددة للحوار معه أبرزها تهيئة المناخ السياسي بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين، وأثناء الحراك برز جهاز الأمن والمخابرات العامة في مهمة التصدي لأعمال الشغب والتظاهرات كما صعد دوره في عملية التغيير في سرديات فتح القيادة العامة امام موكب 6 أبريل وتنحية الرئيس البشير كما تروى الحكايات سيرة المدير العام الاسبق للجهاز الفريق أول صلاح قوش.
بعد التغيير مباشرة وضع الجهاز بناءاً على مهامه وصلاحياته بالدستور في خانة الاستهداف وتصميم حملة اعلامية ممنهجة، ورعاية ثورية فرضت واقع الوثيقة الدستورية وتقليص صلاحياته وتحويله الي مكتب جمع وتحليل المعلومات، وحل هيئة العمليات التي نشطت في مجابهة الحراك السياسي ، وانتهزت الغرف الاعلامية والسياسية ما حدث في مقر كافوري واعتباره تمردا وحدث كاف لإكمال عملية تسريح وحل الهيئة ، وعلى ذكر الفراغ قال اللواء م كمال اسماعيل عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير امام ورشة تقييم الفترة الانتقالية _ ورقة الاصلاح الامني والعسكري أن حل جهاز الأمن في انتفاضة أبريل احدثت فراغ أمني مكن الجهات الساعية لتقويض الديمقراطية ، ولعل الدروس المستفادة التي أكدت أن القرار السياسي ما لم تصاحبه رؤية مهنية فنية في المسائل العسكرية يمكن أن تترتب عليه تداعيات كارثية وخيمة ، وهو ما تكرر لاحقا بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة.
تقليص الصلاحيات.
تقليص صلاحيات الجهاز وفقاً للمادة (37) من الوثيقة الدستورية أحدثت فراغا في العمل المخابراتي والامني، ونتيجة لهذه القرارات قامت أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية بملء هذا الفراغ ولم تهدر هذه الفرصة التاريخية وتمددت بتدخلاتها في الشؤون الداخلية تعاونها في ذلك واجهاتها الناشطة في العمل المدني والحقوقي والدبلوماسي ، وباتت القوى السياسية الثورية تحديدا تشتكي من هذه التدخلات وتأثيره في تعقيد مهمة الانتقال والتحول الديمقراطي.
مع تقليص صلاحيات الجهاز بمبررات أبعاده من التدخل في العمل السياسي والنقابي والاعلامي ، وتجميد مواد الاعتقال والتفتيش سمحت السلطة الانتقالية بمباركة الحاضنة السياسية قيام قوات نظامية ولجنة التفكيك بالقيام باجراءات الاعتقال والتفتيش ومصادرة وسائل الإعلام، ولعبت هذه الإجراءات دورا في المفاصلة السياسية بين المكون العسكري وقحت فرض واقع ما بعد 25 أكتوبر حيث باتت إجراءات لجنة التفكيك الاستثنائية وإمكانياتها محورا في الازمة الانتقالية.
التدخلات الخارجية
افلحت السلطة الانتقالية في نسختي سبتمبر 2019 و25 أكتوبر في اضعاف القدرات المهنية والاحترافية لجهاز المخابرات وضعفت بموجبه ارادة الانتقاليون بالعبور نحو الانتقال نسبة لتدخلات الخارجية وانقسام قوى الثورة على حسب رؤية اجندات الخارج ومصالح الأمن القومي لدول المجتمع الدولي والاقليمي.
قبل اسبوع أصدر الحزب الشيوعي على جدلية التسوية السياسية المطروحة بيانا اتهم فيه المخابرات المصرية بهندسة الكتلة الديمقراطية ووراء ترتيب عودة الزعيم الاتحادي والختمي مولانا محمد عثمان الميرغني ، كما تتهم قوى نداء الوطن التي تعلب دورا معارضا لتسوية الثنائية وتناهض التدخلات الخارجية أجهزة مخابرات خارجية في الشأن الداخلي وتؤسس لنظام وصاية دولية.
مهام الانتقال والتحول الديمقراطي وفقا لملامح الاتفاق الاطاري تبدو مهمة بالغة التعقيد من حيث توازن الكتل السياسية بعد صعود كتلة نداء اهل السودان والكتلة الديمقراطي ، ومن جهة ثانية يحتاج المكون العسكري والمجلس المركزي الي إجراءات بناء الثقة وتحدي مواجهة الشارع العام ، واخرى متعلقة بتعارض أجندة المجتمع الدولي ومخابراته الناشطة في المشهد السوداني حول القضية المركزية وهي الانتقال والتحول الديمقراطي ، وعلى هذه الوقائع هل تكتفي السلطة الانتقالية في فترتها الثانية حسب جهاز المخابرات العامة في فلك المعلومات وتحليلها ام تجري قوى الانتقال مراجعات لتفادي الاخطاء الفترة الانتقالية الاولى التي فرضت واقع السيولة السياسية والامنية وزعزعة الاستقرار ؟