بنك السودان المركزي .. تحديات وآمال عقب الكارثة
⛔️ بنك السودان المركزي .. تحديات وآمال عقب الكارثة
تقرير أخباري : عائشة الماجدي
( لايف ميديا )
تحديات جمة مازال يوجهها بنك السودان المركزي بعد اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل التي افقدته على يد المليشيا المتمردة اطنان من الذهب ومئات الملايين من الدولارات، ورغم أن البنك قد انتهج سياسات مثلت خطوة محورية لمواجهة تداعيات الحرب وتأثيرها العميق على الاقتصاد السوداني إلا أن الآمال لاتزال معلقة لإيجاد حلول عملية وواقعية تضمن تعافي الاقتصاد واستدامته في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وتضمن عدم الوقوع في ذات الأخطاء من تأخير طباعة العملة وغيرها واتباع النظم العالمية المعروفة بطابعة العملة وذلك بأن يكون هنالك تصميم احتياطي للطباعة في حالة حدوث أي كارثة..
⛔️ ماذا قال البنك؟
بنك السودان المركزي قال في مؤتمر صحفي عند اندلاع الحرب كان لديهم في الرئاسة خمسة اطنان من الذهب تساوي أكثر من 500 مليون دولار، إضافة إلى أكثر من 320 مليون دولار نقداً، منوهاً إلى أن النقد الأجنبي المتبقي الموجود في حسابات البنك في الخارج كانت مبالغ لا تتعدى 150 مليون دولار عندما بدأ البنك العمل من بورتسودان.
وأردف : “عندما اتينا في شهر مايو كنا بين مفترق طرق لجهة أن وضع الجيش كان سيئ جدآ وتشوين الجيش كان به صعوبة بالغة، وكان الخيار في ذلك الوقت أن نستبدل العملة أو أن ندعم بقاء الدولة، قاطعاً بأن بنك السودان اختار أن يقف مع بقاء الدولة فجميع الجيوش السودانية كانت محاصرة بنسبة فاقت 90٪ وقرروا توظيف الموارد الموجودة في الحسابات الخارجية لتشوين الجيش لكي يتقدم، معتبراً هذا خيار استراتيجي.
ونوه إلى أن البنك فكر بشهر أكتوبر و نوفمبر من ذات العام في استبدال العملة، قاطعاً بأنها عملية لا تتم بين يوم وليلة، لجهة أن هنالك مطبعة العملة وفيها من يرسمون العملة لم يكونوا موجودين وارسلنا لهم واحضرناهم لبورتسودان، وتابع : “بعدها قدمنا عطاءات، وهنالك 50 شركة حول العالم تقوم بطباعة العملة وقدمنا للشركات التي نطبع عندها مسبقاً وهي أربع شركات (أمريكية، روسية، سويسرية، فرنسية) وطبعت العملة الشركة الروسية وطلبوا فترة للطباعة تترواح بين 14 إلى 16 شهر لجهة أن عملية طباعة العملة ليست سهلة، وطبعت الشركة الروسية فئة الألف جنيه فيما تطبع شركة أمريكية فئة الخمسمائة جنيه وسنتسلمها في يونيو القادم، مبيناً أن الفئات التي طبعت كافية”.
⛔️ فلاش باك —-
ولقد لجأ بنك السودان إلى استبدال العملة الوطنية لحمايتها وتحقيق استقرار سعر صرفها والمساعدة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ، ولمعالجة الآثار السالبة للحرب الدائرة بالبلاد لا سيما عمليات النهب الواسعة التي قامت بها المليشيا المتمردة لمقار بنك السودان المركزي وشركة مطابع السودان للعملة في الخرطوم ، وما نتج عن ذلك من انتشار كميات كبيرة من العملات مجهولة المصدر وغير مطابقة للمواصفات الفنية من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه الأمر الذي أدى إلى زيادة مستوى السيولة النقدية بشكل واضح وكان له الأثر السالب على استقرار المستوى العام للأسعار .
و تسببت الحرب في تدمير البنية التحتية وتعطيل الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات الحيوية، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي والصناعي وخروج عدد كبير من المنشآت عن الخدمة، إلى جانب الضغوط التضخمية التي ألقت بظلالها على استقرار العملة الوطنية.
و لمواجهة هذه التحديات تبنى البنك سياسات للتعامل مع آثار الحرب، ترمي إلى تحقيق الاستقرار النقدي، شملت ضبط استدانة الحكومة من الجهاز المصرفي، ترشيد استخدام النقد الأجنبي، واستعادة نظم الدفع المصرفية المتضررة، بجانب إنشاء محفظة السلع الاستراتيجية برأسمال مبدئي قدره مليار دولار، والتي ساهمت في استقرار سعر الصرف وضمان توفير الاحتياجات الأساسية.
⛔️ إنجازات معقولة و حوجة لإصلاحات —-
وفي السياق يقول الصحفي الاقتصادي علي ميرغني أن رغم ظروف الحرب، وعدم حصول البنك المركزي على استقلاليته التامة، إلا أن إدارته حققت انجازات معقولة، أهمها زيادة شمول الخدمات المصرفية والتوسع في الخدمات المصرفية الهاتفية، وربما تبقت خطوات قليلة لينتقل معظم الاقتصاد من العملة الورقية للعملة الالكترونية، إن جاز التعبير، مشيراً إلى أن الخطوة تقلل الصرف على اصدار النقد، كما تجذب معظم المدخرات للقطاع المصرفي، ويساعد في توسع المظلة الضريبية وجعل كل العمليات التجارية مرصودة وتقلل التهرب الضريبي.
ميرغني أوضح بتصريحه لـ”لايف ميديا” أن القطاع المصرفي لايزال يحتاج لاصلاحات يقودها ويفرضها البنك المركزي نفسه، لافتاً إلى أن خدمات العملاء بالمصاريف لاتزال سيئة، ويجب تسريع الاتجاه نحو نقطة عدم حاجة العميل للحضور للبنك شخصياً .
وأضاف: “كما ان ملف حصائل الصادر يحتاج لإعادة تقييم وربما طرح بدائل، مثل التجربة الرواندية، التي تكتفي بدفع الضرائب بدون اجبار المصدرين على إعادة حصائل الصادر.
⛔️ حلول عملية بعيداً عن السياسة —-
ولبنك السودان دور اقتصادي كبير أثناء الحرب وله دور أكبر بعد الحرب في ضبط إيقاع السياسة النقدية في البلاد ونقلها من العشوائية إلى العلمية واول واجبات بنك السودان إعادة الثقة للنظام المصرفي السوداني وتعويض خسائره.
ويمضي في هذا الإتجاه الخبير الاقتصادي عبد العظيم المهل، آملاً أن يكون الجهاز المصرفي قد قام بإعادة تأمين في ليودس أو غيرها بسبب تعرض الجهاز المصرفي لكارثة مصرفية كبرى فقد بموجبها مليارات الدولارات وتريليونات الجنيهات واطنان من الذهب وأغلبها كانت مكتنزة في خزن البنوك وليس مودعة في البنوك مما يعني أنها خارج الجهاز المصرفي ولا يستطيع الجهاز المصرفي الاستفادة منها ولذلك بعد الحرب سيواجه النظام المصرفي بتحديات كبرى.
وشدد المهل بتصريحه لـ”لايف ميديا” على أهمية تنفيذ السياسة النقدية في ظل إفلاس ممنهج شبه كامل الأمر الذي يحتم على البنك المركزي اتباع سياسة نقدية علمية تخرج البلاد من هذه الكارثة، منوهاً إلى أن هذا يتطلب من قيادة الجهاز المصرفي الإطلاع على التجارب المماثلة لنا و وضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج بهدوء بعيداً عن السياسة خاصة وأنه سوف يواجه مشاكل غير تقليدية تحتاج لحلول استثنائية ومبتكرة مما يحتم ضرورة الاستفادة من الكوادر السودانية وغير السودانية بالخارج.
وأردف : “الآن يمكن لأي شخص أن يعمل ويتعاون مع النظام المصرفي من اي مكان في الخارج ومن المفترض من النظام المصرفي الاستفادة من الحوسبة الإجبارية التي طبقت أثناء الحرب وتطويرها وتحديثها ومواكبتها حتى نستطيع جذب الأموال إلى داخل البنوك واستغلال ما حدث من نهب للمواطنين للدعاية لحفظ الأموال بالجنيه او الدولار في البنوك وإصلاح السياسة السابقة التي كانت مبنية على استكرات المغتربين والمواطنين وأخذ عملتهم الصعبة ثم عدم الايفاء لهم بها عند الحاجة وهذا ما حدث أيضا في الجهاز المصرفي اللبناني الأمر الذي أدى إلى مطالبة كل المودعين بودائعهم الدولارية مما قاد إلى عجز الجهاز المصرفي.